السجن
حبس وايلد (wilde) في المرة
الأولى في سجن بينتون فيل (Pentonville Prison) ثم سجن في
واندزورث (wandsworth Prison) في لندن. حيث
يخضع السجناء لنظام " الأشغال الشاقة، الطعام السيء, والفراش القاسي"
كان هذا في منتهى القسوة على وايلد (wilde) المعتاد على
المعيشة المريحة.[128], أخذت صحته تتدهور بشكل سريع وفي نوفمبر وقع مغشيًا عليه
أثناء تعبده بسبب المرض والجوع. تمزقت على أثر السقطة طبلة أذنه اليمنى وقد ساهم
هذا الجرح في وفاته فيما بعد[129], وقضى بعد الحادثة شهرين في المشفى.[129][130]
ريتشارد هالدان (Richard B Haldane) النائب
الليبرالي والمصلح ،قام بزيارته ونقله إلى سجن ريدنق (Reading Prison) ٤٨ كلم (٣٠ميل) غرب لندن[131], كان هذا النقل بحد
ذاته أسوأ ما حدث له خلال فترة سجنه, فقد قامت الحشود بالسخرية منه والبصق عليه
على المنصة.
عرف حينها بالسجين س ٣.3 (C. 3.3) ,في بداية الأمر لم يكن مسموحًا له بالأقلام والأوراق لكن هالدان
(Haldan) استطاع في نهاية المطاف الحصول
على الأذن لوايلد(wilde) بالوصول للكتب ومستلزمات
الكتابة.[129]
طلب وايلد (wilde) بعض
المستلزمات منها : الإنجيل باللغة الفرنسية، قواعد اللغة الإيطالية والألمانية،
وبعض الكتابات اليونانية القديمة، كما طلب القصة الشعرية لدانتي (Dante)
بعنوان الكوميديا الإلهية (Divine Comedy)، الرواية
الفرنسية في الطريق (En Route) التي تتحدث عن الفداء المسيحي
للكاتب جوريس كارل هويسمانز (Joris-Karl Huysmans)، ومقالات
للكاتب القديس أوغسطين (ST Augustine) وَ كاردينال
نيومان (Cardinal Newman) وَ والتر بيتر(Walter Pater)[132]
بين شهر يناير ومارس من عام ١٨٩٧ ميلادية قام وايلد (wilde)
بكتابة رسالة مكونة من ٥٠,٠٠٠ كلمة إلى دوقلاس (Douglas)، لكن لم يسمح له بإرسالها، لكن سمحوا له بأخذها معه عندما تم
إطلاق سراحه[133], من جهة أخرى راجع وايلد بتأني مسيرته حتى اللحظة، فقد كان وكيل
الإثارة الملونة في المجتمع الفكتوري، أما فنه فكان متميزًا بتناقضاته التي يسعى
بها إلى الخراب من جهة والتألق من جهة أخرى.
أما تقديره لنفسه فقد عبر عنه وايلد قائلًا أنه أحد
الذين " وقفوا وقفة للعلاقة الرمزية بين الفن والثقافة في زمنه ".[134]
خلال هذه الفترة بدأت حياته مع دوقلاس (Douglas) وكان وايلد (wilde) يولي تلك
العلاقة عناية كبيرة، وفي النهاية انفصلا حيث أنكر عليه وايلد (wilde)
غطرسته وغروره, لم ينس وايلد (wilde) تصريحات
دوقلاس (Douglas) عندما كان مريضًا حيث قال له
" عندما لا تكون على سجيتك لا تكون مثيرا للاهتمام "[135]. قام وايلد
بلوم نفسه، وبالرغم الانحطاط الأخلاقي لشخصيته إلا أنه سمح لدوغلاس بأن يحمله
مسؤولية سقوطه, "أنا هنا لأنني حاولت إدخال والدك السجن"[106]. ينتهي
النصف الأول من الرسالة بمسامحة وايلد لدوغلاس ,لمصلحته الشخصية بالقدر ذاته
لمصلحة دوغلاس, ثم تتبع وايلد في الجزء الثاني من الرسالة رحلته الروحية للخلاص
وتحقيق الذات من خلال قراءاته في السجن, أدرك أن محنته غذت روحه بالخبرة, بغض
النظر عن مرارتها قسوتها عندما وقعت.
"أردت أن أتناول كل الفواكه من كل الأشجار في حديقة
العالم.". وهذا ما حدث حقًا, فهكذا خرجت وهكذا عشت ونجوت. كان خطأي الوحيد هو
أني حبست نفسي بشكل حصري على الأشجار التي بدت لي من الجهة المضاءة بضوء الشمس من
الحديقة, ونبذت الجانب الأخر بسبب ظلمته وكآبته[136].
عند إطلاق سراحه قدم مخطوطته لروس، وهو من أتبع أو لم
يتبع أوامر وايلد بإرسالها لدوغلاس (الذي أنكر استلامها في ما بعد). نشرت دي
بروفانديس (De Profundis) -كلمة لاتينية تعني من الأعماق-
في عام 1905, أما نسختها الكاملة والمصححة فقد ظهرت في عام 1962 في رسائل أوسكار
وايلد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق